الثلاثاء، 19 مايو 2009

بـــعــض الــقـــصــا ئــد الــنــثــر يـــة للــشــا عــر الــفــلــسـطـيـنـى مــحــمــو د د ر ويـــش

البنتُ / الصرخة
على شاطئ البحر بنتٌ. وللبنت أَهلٌ

وللأهل بيتٌ. وللبيت نافذتان وبابْ…

وفي البحر بارجةٌ تتسلَّى

بصيدِ المُشاة على شاطئ البحر:

أربعةٌ، خمسةٌ، سبعةٌ

يسقطون على الرمل، والبنتُ تنجو قليلاً

لأن يداً من ضباب

يداً ما إلهيةً أسعفتها، فنادت: أَبي

يا أَبي! قُم لنرجع، فالبحر ليس لأمثالنا!

لم يُجِبْها أبوها المُسجَّى على ظلهِ

في مهب الغياب

دمٌ في النخيل، دمٌ في السحاب

يطير بها الصوتُ أعلى وأَبعد من

شاطئ البحر. تصرخ في ليل برّية،

لا صدى للصدى.

فتصير هي الصرخةَ الأبديةَ في خبرٍ

عاجلٍ، لم يعد خبراً عاجلاً

عندما

عادت الطائرات لتقصف بيتاً بنافذتين وباب!
................
ليتني حجر

لا أَحنُّ الى أيِّ شيءٍ

فلا أَمسِ يمضي، ولا الغَدُ يأتي

ولا حاضري يتقدمُ أو يتراجعُ

لا شيء يحدث لي!

ليتني حجرٌ – قلتُ – يا ليتني

حجرٌ ما ليصقُلَني الماءُ

أخضرُّ، أصفرُّ… أُوضَعُ في حُجْرةٍ

مثل منحوتةٍ، أو تمارينَ في النحت…

أو مادةً لانبثاق الضروريِّ

من عبث اللاضروريِّ…

يا ليتني حجرٌ

كي أَحنَّ الى أيِّ شيء!
..................
مَكرُ المجاز

مجازاً أقول: انتصرتُ

مجازاً أقول: خسرتُ…

ويمتدُّ وادٍ سحيقٌ أمامي

وأَمتدُّ في ما تبقى من السنديانْ…

وثمَّة زيتونتان

تَلُمّانني من جهاتٍ ثلاثٍ

ويحملني طائرانْ

الى الجهة الخاليةْ

من الأوج والهاويةْ

لئلاَّ أقول: انتصرتُ

لئلاَّ أقول: خسرتُ الرهانْ!
...................
ليت الفتى شجرة

ألشجرة أخت الشجرة، أو جارتها الطيّبة.

الكبيرة تحنو على الصغيرة، وتُمدُّها بما ينقصها

من ظلّ. والطويلة تحنو على القصيرة،

وترسل اليها طائراً يؤنسها في الليل. لا

شجرة تسطو على ثمرة شجرة أخرى، وإن

كانت عاقراً لا تسخر منها. ولم تقتل

شجرةٌ شجرةً ولم تقلِّد حَطّاباً. حين صارت

زورقاً تعلَّمت السباحة. وحين صارت

باباً واصلت المحافظة على الأسرار. وحين صارت

مقعداً لم تنسَ سماءها السابقة.

وحين صارت طاولة عَلَّمت الشاعر أن لا

يكون حطاباً. الشجرة مَغْفَرةٌ وسهَرٌ.

لا تنام ولا تحلم. لكنها تُؤتمنُ على أسرار

الحالمين، تقف على ساقها في الليل والنهار.

تقف احتراماً للعابرين وللسماء. الشجرة

صلاة واقفة. تبتهل الى فوق. وحين

تنحني قليلاً للعاصفة، تنحني بجلال راهبة

وتتطلع الى فوق… الى فوق. وقديماً قال

الشاعر: «ليت الفتى حجر». وليته قال:

ليت الفتى شجرة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق